ولما كان فقد شخص عزيز يعد مصيبة، فقد عهد رب العزة والجلال للصابرين على مصيبة الموت بالجنة، وجعل الصبر بالقول والفعل، فأول ما ينبغي أن ينطق به المسلم عندما تصيبه مصيبة الموت “إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها”.
أوصانا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعدة أشياء
تغطية الميت بأي غطاء يستر بدنه.
ألا يدعو أهل الفقيد على أنفسهم إلا بالخير لأن الملائكة تؤمن.
الدعاء للميت بالمأثور من أدعية رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومنها:
الدعاء عند الصلاة على الميت
ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال بعد التكبيرة الثالثة من الصلاة على الميت:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ.
اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِ من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر له وارحمه، فإنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم أنت ربه وأنت خلقته، وأنت رزقته وأنت هديته للإسلام، وأنت قبضت روحه، وأنت أعلم بسره وعلانيته، جئنا شفعاء له فاغفر له ذنبه.
اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده.
فيستحب الدعاء بهذه الأدعية الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولكن يبقى باب الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة مفتوح لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ) رواه أبو داود. فيستطيع أن يدعو المسلم لفقيده بأي دعاء، شريطة حضور القلب والإخلاص في الدعاء.
ولذلك كثرت صيغ الدعاء للمتوفى فمنها:
اللهم ارحم (المتوفى) رحمة واسعة، وتغمده برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ولا باقي إلا وجهك، اللهم بيّض وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه اللهم يمن كتابه، اللهم ثبت قدمه يوم تزل الأقدام، اللهم اكتبه عندك من الصالحين والصديقين والشهداء والأخيار والأبرار، اللهم اكتبه عندك من الصابرين وجازه جزاء الصابرين.
اللهم ارحمه فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض عليك، اللهم قِهِ عذابك يوم تبعث عبادك.
اللهم انقله من ضيق اللحود، ومن مراتع الدود إلى جناتك جنات الخلود، لا إله إلا أنت يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض.
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار.
اللهم يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثقل بالحسنات ميزانه، وثبت على الصراط أقدامه، وأسكنه في أعلى الجنات، بجوار حبيبك ومصطفاك محمد صلّى الله عليه وسلم.
اللهم يا رحمن الدنيا والآخر ورحيمهما ارحمنا، وارحم أمة محمد رحمة كافة تغنينا عن رحمة من سواك.
اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفاه على الإيمان.
اللهم نوّر له قبره، ووسع مدخله وآنس وحشته، اللهم ارحم غربته وارحم شيبته.
اللهم أطعمه من الجنة، واسقه من الجنة، وأره مكانه من الجنة، وقل له أدخل من أي باب تشاء.
اللهم إن (المتوفى) في ذمتك وحبل جوارك، فقِهِ من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم إنه عبدك، ابن عبدك، يحتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، فارحمه.
اللهم تقبّل منه القليل، وتجاوز عنه التقصير.
اللهم ثبته بالقول الثابت، وارفع درجته، واغفر خطيئته، وثقل موازينه.
اللهم حاسبه حسابًا يسيرًا يا من هو أرحم من عباده بأنفسهم ومن الأم بولدها.
اللهم حرّم لحمه ودمه وبشرته عن النار.
اللهم استقبله عندك خالٍ من الذنوب والخطايا، واستقبله بمحض إرادتك وعفوك، وأنت راضٍ عنه غير غضبان عليه.
اللهم افتح له أبواب جنتك وأبواب رحمتك أجمعين.
اللهم إني أسألك يا حنّان يا منّان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل (المتوفى) من الذين إذا أحسنوا استبشروا.
اللهم إني أسألك الفردوس الأعلى نزلًا له، اللهم وابني له بيتا في الجنة واجعل ملتقانا هناك، اللهم واسقه من حوض نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم – شربة هنيئة مريئة لا يظمأ بعدها أبدًا.
اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا وباسمك الطاهر الأعظم، أن تتقبل منا دعاءنا بقبول حسن، وأن تجعله خالصًا لوجهك الكريم.
اللهم إني أسألك يا ارحم الراحمين أن يكون (المتوفى) ممن بشر عند الموت بروح وريحان، ورب راضٍ غير غضبان.
اللهم إني أسألك في هذه الساعة إن كان في سرور فزد في سروره، وإن كان في عذاب، فنجه من عذابك، وأنت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم يا جامع الناس إلى يوم لا ريب فيه، اجمع (المتوفى) بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما جمعت بين الروح والجسد.
اللهم إني أسألك له الدرجات العلى من الجنة، وأدخله الجنة، وأسألك له خلاصًا من النار سالمًا.
أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منا ومنكم الدعاء، ويغفر لموتانا وموتاكم وموتى المسلمين، وأن يحسن خاتمتنا إنه قادر على كل شيء.
الدعاء عند دفن الميت
بسم الله وعلى سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم
الدعاء بعد الدفن
يكون الدعاء بعد الدفن على الشكل التالي:
بالوقوف على قبر الميت ما يقارب نصف ساعة.
مع استقبال القبلة.
والاستغفار للميت، والدعاء له بالتثبيت عند سؤال الملكين، ويستطيع أن يدعو المسلم بما شاء من الأدعية السابقة.
الدعاء عند زيارة القبور
أذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لصحابته بزيارة القبور، لسببين: أولهما: أخذ العبرة وتذكر الموت، ثانيهما: الدعاء للميت، وتعددت صيغ الدعاء الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فمنها:
السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع، أسأل الله لنا ولكم العافية.
السلام عليكم أهل دار مؤمنين، وإنَّا وإياكم وما توعدون غداً مؤجلون، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل هذه القبور.
السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منَّا والمستأخرين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون.
السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لي ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر.
ما ينتفع به الميت
إن أول شيء يصل المتوفى هو الدعاء له بالمغفرة والرحمة، فهل هناك أشياء أخرى ينتفع بها الإنسان بعد وفاته؟
حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجيب عن هذا السؤال:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنه عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثةٍ إلا من صَدَقَة جَارِيَة أو عِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ أو وَلَدٍ صَالِح يَدْعُو لَهُ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علَّمَه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورَّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً بناه لابن السبيل، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه من بعد موته).
ومن ذلك يتبين لنا أنه ينتفع الميت بعد موته بعدة أشياء:
عمل صالح قام به الميت أثناء حياته واستمر أثره إلى ما بعد موته، كبناء مسجد، أو حفر بئر أو علم علمه ينتفع به غيره.
عمل صالح يقوم به غيره، ويهب ثوابه للميت، سواء أكان هذا العمل بدني أو قولي أو مالي.
عمل بدني مثل:
الصوم: فيصح أن يصوم المرء ويهب أجر الصيام للميت، وقد استدل العلماء بقول رسول الله لمن سأله عن قضاء دين أمه بأن دين الله أحق أن يُقضى.
الحج: يجوز أن يحج المرء أو يعتمر ويهب الأجر للميت، وقد استدل العلماء بقول رسول الله لمن سأله عن قضاء نذر لأمه بالحج بأنه يجوز لأن الله أحق بالقضاء.
عمل قولي مثل:
الدعاء: وقد ذكرت بعض صيغ الدعاء الواردة عن الرسول وغيرها.
قراءة القرآن: والسؤال هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت؟ فلم يرد ذلك بحديث لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
اختلف العلماء في هذا الأمر فمنهم من أجازه كالحنابلة والحنفية وبعض الشافعية، ومنهم من عده بدعة مثل المالكية، ودليلهم على ذلك قوله تعالى: “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى”.
وأما من أجاز إهداء ثواب قراءة القرآن للميت، فاشترط لذلك ألا تكون قراءة القرآن لغرض مادي، كأن يستأجر أحدهم من يقرأ القرآن مقابل أجر مادي، ففي هذه الحالة لا يعود ثواب قراءة القرآن للميت، ولا يثاب القارئ.
عمل مالي مثل:
الصدقة التي تكون على الفقراء والمساكين والمحتاجين، فأفضل الصدقات هي التي تعطى لصاحب الحاجة.
إنفاق المال على طلبة العلم، وبناء المساجد، وغير ذلك من أعمال البر التي يهب ثوابها للمتوفى.
فاعلم أخي المسلم أن هذا الكأس على كل الناس، فلا يغرنك متاع الحياة الدنيا، وسارع واغتنم حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، ولا تنتظر الثواب لا من ولد ولا من أحد، أعد العدة لسفر طويل، واجعل زادك فيه التقوى والعمل الصالح، وأما إن فقدت عزيزًا فالزم الصبر لتكسب الأجر، وسلي نفسك بالدعاء الذي ينفعك وينفع فقيدك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق